23 يوليو، 2023

الذكرى السنوية الثانية لانتقال الدكتور وهيب قزمان

اليوم الذكرى السنوية الثانية لحبيبنا وأبينا المتنيح د. وهيب قزمان ويطيب لأسرة المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية أن تقدم إحدى مقالته الروحية لكل محبيه وأولاده اذكرنا يا معلم أمام عرش النعمة يمكنك قراءة مقال “التوبة: محبة الابن وفرح الآب” للدكتور وهيب قزمان من هنا

الذكرى السنوية الثانية لانتقال الدكتور وهيب قزمان قراءة المزيد »

التوبة: محبة الابن وفرح الآب – المتنيح د. وهيب قزمان

+ حبك غصبك وتجسدت لأجلنا: التوبة هي إستجابة قلب الإنسان لمحبة الله المتدفقة، التي تجلَّت في ميلاده من العذراء مريم، إذ غصبه حبه حتى تجسد من أجلنا. هذه الإستجابة هي رجوع الإنسان إلى أحضان الله، والإلتفات للمسيح بقلوبنا الهزيلة، لنلتقي به في عمق القلب والنفس. ومهما كانت خطايانا فإن نور محبته وقدرة نعمته تخترق هذه الأعماق، لأنه ” أشرق على الجالسين في الظلمة وظلال الموت”. + من محبة الذات إلى محبة الرب يسوع: إن يسوعنا يعطف علينا بلا حدود، حتى يجعل الخاطئ يتحول من عشق شهواته ونجاساته إلى محبة مخلصنا وفادينا، ] لأن المحبة الإلهية عندما تهبط على الإنسان بغزارة، فإنها تجعل النفس تنجذب إلى الله بقوة[ ، لأنه قدم نفسه عن خطايانا جميعًا…. يسوع الذي لم يدعنا عبيدًا فحسب بل أحباء وأخصاء لأنه ” صديق الخطاة”، بل و” محب العشارين”. + التوبة فرح الآب : توبة الإنسان جهاد ورجوع إلى الله وإعتراف بالخطية، وندم وشعور بعدم الاستحقاق ” إجعلني كأحد أجراك” (لو19:15)، أي أن التوبة تعني رجوع الابن الضال إلى حضن الآب، وفرح الآب، الله يشعر أن الإنسان كان ميتًا بالخطية فعاش بالتوبة. ومن أجل هذا يركض الله ويقع على عنقه ويقبله. الله يجد ويبحث عن الخروف الضال، ومتى وجده يضعه على منكبيه فرحًا (لو5:15)، ويفتش بإجتهاد عن الدرهم المفقود، وإذا وجده يدعو الملائكة بلسان المرأة التي أضاعت الدرهم قائلاً: ” أفرحن معي أني وجدت الدرهم الذي أضعته” (لو9:15). ” فالسماء تفرح” (لو7:15)، والملائكة تفرح (لو10:15) والآب السماوي يقول ” نأكل ونفرح” (لو23:15)، وجميع مَنْ في البيت (الكنيسة والسماء) يفرحون (لو24:15). والآب السماوي يقول: ” كان ينبغي أن تفرح وتُسرَّ لأن أخاك هذا كان ميتًا فعاش وكان ضالاً فوُجد” (لو32:15). التوبة أعظم تقدمه تفرح قلب الله: نحن نستعيد بالتوبة مكانتنا الأولى في حضن الآب، ونُحمل على منكبي المسيح. ولكن ينبغي إلاّ ننسى النصيب العظيم الذي يسر به الرب من توبتنا: إنه الفرح … الفرح … الفرح. لقد قدّم الشهداء دمائهم والنساك أتعابهم، وأنا اليوم ماذا أقدم للرب؟ إن التوبة والرجوع لله تقدمة رائعة تفرح قلبه. فهيا بنا يا أخي نُفرِح قلب الآب ونتوب، هيا بنا نُسعد قلب الله، ونقدم له تقدمة رائعة جدًا، تُضاف إلى تقدمات الشهداء والقديسين. هيا بنا نتوب كل يوم وكل لحظة. ليكون الآب فرحًا دائمًا: نقف في الصلاة كتائبين، ونخدم كتائبين مقدمين ليسوع أعظم عطية: خروفًا يضعه على منكبيه. أو ابنًا على عنقه ويقبله. + ربي يسوع: سأعيش بنعمتك كل أيام حياتي في التوبة، لكي أعيش دائمًا في حضنك وأفرّح قلبك بي. + ربي يسوع: سأخدمك في كنيستك، ساعيًا لرجوع الضالين لأفرّح قلبك برجوعهم إليك أمين. التوبة نقطة إنطلاق الأخبار السارة : القديس يوحنا المعمدان وربنا يسوع المسيح كلاهما يبدأن كرازتهما بنفس الكلمات المشجعة ” توبوا لأنه قد أقترب ملكوت السموات” (مت2:3). هذه هي نقطة بداية الأخبار السارة؛ إنها التوبة. بدون التوبة لا يمكن أن تكون هناك حياة جديدة ولا خلاص، ولا دخول إلى الملكوت. وعندما نتحول من “الكتاب” إلى الآباء، نجد نفس الحقيقة يتم التأكيد عليها بقوة. فعندما سُئل أنبا ميلسيوس عما يفعل في الصحراء، أجاب ” جئت هنا لأبكي لأجل خطاياي” ، وهذه التوبة ليست مجرد مرحلة تمهيدية فقطن بل تستمر طوال الحياة. وبينما كان أنبا صيصوي راقدًا على فراش الموت، ويحيط به تلاميذه، رأوه وكأنه يكلم شخصًا. فسأله تلاميذ: مع من تتحدث يا أبانا؟ أجاب ” ها إني أرى الملائكة وقد أتوا ليحملونني، وأنا أستعطفهم أن يمهلوني قليلاً… بعض الوقت لكي أتوب، فقال له تلاميذه: ]لا حاجة لك للتوبة يا أبانا[ فأجابهم الشيخ ]في الحقيقة أنا لست متأكدًا إن كنت قد بدأت أتوب أم لا[ . التوبة حياة مستمرة: والقديس مرقس الناسك يصر على ] أنه ليس أحد صالح ورحيم مثل الله، ولكنه لا يغفر لمن لا يتوب… وصايا الله يمكن أن تُختزل في التوبة. ونحن لا نُدان بسبب تعدياتنا الكثيرة، بل بسبب رفضنا أن نتوب. لأنه التوبة تظل ناقصة حتى تكتمل عند لحظة الموت[ . ويقول أنبا إشعياء الإسقيطي ] إن ربنا يسوع المسيح أوصانا أن نستمر في التوبة حتى آخر نفس. لأنه لو لم تكن هناك توبة لما خلص أحد[ . والقديس مار إسحق السرياني يقول: ] خلال الأربعة والعشرين ساعة يوميًا نحن نحتاج إلى التوبة في كل لحظة من لحظات هذه الساعات[ . صلاة يسوع: إن صلاة يسوع التي تُمارس اليوم بكثرة عما كانت تُمارس منذ خمسين عامًا مضت، هي صلاة توبة أساسًا، وخاصة حين تُستعمل في صيغتها الطويلة: ” يا ربي يسوع المسيح، ابن الله، أرحمني أنا الخاطئ”. ويجب أن نضع في إعتبارنا الإصرار المستمر على التوبة. رجاء من ليس له رجاء: إن ما نحضره أمام المسيح في الاعتراف ليس مجرد خطايا خاصة معينة، بل أيضًا نحضر أمامه حقيقة حالة الإثم العميقة التي في داخلنا…أي الفساد العميق جدًا الذي لا يمكن التعبير عنه تمامًا بالكلمات، والذي يبدو أنه يتملص ويراوغ أمام ذهننا الواعي وإرادتنا. فنحن نسأل ونطلب أن نُُشفى من هذا الفساد، أهم من كل شيء آخر. إن الإعتراف كسر شفاء ليس هو مجرد أمر ضروري مؤلم، أو نظام مفروض علينا من سلطة الكنيسة، بل هو عمل مملوء بالفرح والنعمة المخلصة، فبواسطة الإعتراف نتعلم أن الله هو في الحقيقة الكاملة ” رجاء من ليس له رجاء” (قداس القديس باسيليوس) إذن فالتوبة والإعتراف ليسا مجرد شيء يمكن أن نفعله بأنفسنا فقط، أو بمساعدة الكاهن، بل هما شيء يقوم الله بعمله معنا، وفي كل من المعترف والكاهن، وبكلمات القديس يوحنا ذهبي الفم: ] دعونا نطبق على أنفسنا دواء التوبة الخلاصي، دعونا نقبل من الله التوبة التي تشفينا. فلسنا نحن الذين نقدم التوبة لله، بل بالأحرى هو الذي ينعم علينا بالتوبة[ . الإفخارستيا رحلة توبة، للتمتع بالمجد الإلهي : الكنيسة كيان “ليتورجي” يتحقق وجوده بتمجيد الله، ويبلغ كماله في العبادة الليتورجية، التي وضعت فيها الكنيسة كل خبرتها الإيمانية والروحية، في أبهى وأتم صورة. والإفخارستيا (القداس الإلهي) هي مركز وقلب العبادة الليتورجية، بل هي سر الكنيسة. فالمسيحيون يقيمون الإفخارستيا، والإفخارستيا تُقيم المسيحيين. وإن كنا نحن جميعًا مدعوين لأن نعيش حياة التوبة طوال أيام غربتنا على هذه الأرض، فإن القداس الإلهي رحلة توبة، فيها نتغير عن شكلنا وفكرنا مُعترفين بخطايانا، إكليروس وشعب، إذ يقول الأب الكاهن ” أيها الرب العارف قلب كل أحد، القدوس المستريح في قديسيه، الذي بلا خطية والقادر على مغفرة الخطايا. أنت تعلم إني غير مستحق ولا مستعد ولا مستوجب لهذه الخدمة المقدسة، وليس لي وجه أن أقترب وأفتح فمي أمام مجدك الأقدس، بل ككثرة رأفتك إغفر لي أنا الخاطئ، أمتحن أن أجد نعمة ورحمة في هذه الساعة ”

التوبة: محبة الابن وفرح الآب – المتنيح د. وهيب قزمان قراءة المزيد »

لماذا نزل الروح القدس على المسيح في المعمودية؟ – القديس كيرلس الكبير

يجيب القديس كيرلس عن السؤال: لماذا نزل الروح القدس على المسيح في المعمودية؟ يعلق القديس كيرلس على معمودية المسيح بواسطة المعمدان ونزول الروح القدس على المسيح وهو في نهر الأردن، فيقول إن المسيح إعتمد ليس لأنه يحتاج إلى المعمودية، بل لأنه وهو الكلمة الذي صار إنسانًا، ولذلك فهو يقبل الأمور التي تختص بحالة الإنسان لأجل خطة الخلاص. فالمسيح لا يحتاج إلى المعمودية التي يتم بها غفران الخطايا، وهو لم يكن فيه شيء من الخطية فهو ” لم يفعل خطية ولم يوجد في فمه غش” (1بط22:2). وهو ” قدوس بلا شر ولا دنس قد إنفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات” (عب26:7). ثم يشرح القديس كيرلس سر المسيح، بأن المسيح غير منفصل عن الروح القدس، لأن الروح القدس منبثق حقًا من الآب ولكنه خاص بالإبن، وكثيرًا ما يُدعى روح المسيح يقول الرسول ” إن كان أحد ليس له روح المسيح فذلك ليس للمسيح” (رو9:8). وأيضًا ” أرسل الله روح إبنه إلى قلوبكم” (غلا6:4). فالروح القدس ينبثق حقًا من الله الآب ولكن كلمته الوحيد لأنه هو بالطبيعة الإبن، يعطي الروح للخليقة ويمنحه لمن يستحقون. فكيف ينال المسيح الروح القدس وهو نفسه يعطي الروح للناس ويعمدهم بالروح. هنا يوضح السر أن المسيح ” إذ كان في صورة الله وهو مساوٍ لله بالطبيعة، لكنه أخذ صورة عبد” وجعل نفسه فقيرًا. هو بحسب إلوهيته ليس محتاجًا للمعمودية، وليس محتاجًا للروح القدس لأن الروح معه ولا يفارقه. ولكن بسبب محبة الله للإنسان أخلى الإبن نفسه وتنازل ليتخذ شكلنا، ولكي يعطينا الروح القدس عن طريق المعمودية لنصير شركاء الطبيعة الإلهية وننال نعمة التبني، فإنه صار من أجلنا نموذجًا لنا وطريقًا لكل عمل صالح. فلكي نعرف قوة المعمودية نفسها والنعمة العظيمة التي نحصل عليها بنوالها فإنه يبدأ المعمودية بنفسه. وعندما أعتمد إنفتحت السماء ونزل عليه الروح. إذ كبداية ثانية لجنسنا جاء الروح على المسيح أولاً، وقد تأله ليس لأجل نفسه بل لأجلنا، لأننا بواسطته وفيه (في المسيح) نغتني بكل الأشياء. فالمسيح في وضع الإخلاء بالتجسد ينال الروح ليعطيه لنا في المعمودية، إذ هو وحده الذي يعمد بالروح القدس الذي يخصه وهو الذي يعطيه رغم أنه غير منبثق منه بل من الآب. استمع لمحاضرة الدكتور نصحي عبد الشهيد التي ألقاها في لقاء القاهرة رقم 37 بالمركز الارثوذكسي للدراسات الابائية عام 2007 من هنا

لماذا نزل الروح القدس على المسيح في المعمودية؟ – القديس كيرلس الكبير قراءة المزيد »

Shopping Cart
Scroll to Top