يجيب القديس كيرلس عن السؤال: لماذا نزل الروح القدس على المسيح في المعمودية؟
يعلق القديس كيرلس على معمودية المسيح بواسطة المعمدان ونزول الروح القدس على المسيح وهو في نهر الأردن، فيقول إن المسيح إعتمد ليس لأنه يحتاج إلى المعمودية، بل لأنه وهو الكلمة الذي صار إنسانًا، ولذلك فهو يقبل الأمور التي تختص بحالة الإنسان لأجل خطة الخلاص. فالمسيح لا يحتاج إلى المعمودية التي يتم بها غفران الخطايا، وهو لم يكن فيه شيء من الخطية فهو ” لم يفعل خطية ولم يوجد في فمه غش” (1بط22:2). وهو ” قدوس بلا شر ولا دنس قد إنفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات” (عب26:7). ثم يشرح القديس كيرلس سر المسيح، بأن المسيح غير منفصل عن الروح القدس، لأن الروح القدس منبثق حقًا من الآب ولكنه خاص بالإبن، وكثيرًا ما يُدعى روح المسيح يقول الرسول ” إن كان أحد ليس له روح المسيح فذلك ليس للمسيح” (رو9:8). وأيضًا ” أرسل الله روح إبنه إلى قلوبكم” (غلا6:4). فالروح القدس ينبثق حقًا من الله الآب ولكن كلمته الوحيد لأنه هو بالطبيعة الإبن، يعطي الروح للخليقة ويمنحه لمن يستحقون. فكيف ينال المسيح الروح القدس وهو نفسه يعطي الروح للناس ويعمدهم بالروح. هنا يوضح السر أن المسيح ” إذ كان في صورة الله وهو مساوٍ لله بالطبيعة، لكنه أخذ صورة عبد” وجعل نفسه فقيرًا. هو بحسب إلوهيته ليس محتاجًا للمعمودية، وليس محتاجًا للروح القدس لأن الروح معه ولا يفارقه. ولكن بسبب محبة الله للإنسان أخلى الإبن نفسه وتنازل ليتخذ شكلنا، ولكي يعطينا الروح القدس عن طريق المعمودية لنصير شركاء الطبيعة الإلهية وننال نعمة التبني، فإنه صار من أجلنا نموذجًا لنا وطريقًا لكل عمل صالح. فلكي نعرف قوة المعمودية نفسها والنعمة العظيمة التي نحصل عليها بنوالها فإنه يبدأ المعمودية بنفسه. وعندما أعتمد إنفتحت السماء ونزل عليه الروح. إذ كبداية ثانية لجنسنا جاء الروح على المسيح أولاً، وقد تأله ليس لأجل نفسه بل لأجلنا، لأننا بواسطته وفيه (في المسيح) نغتني بكل الأشياء. فالمسيح في وضع الإخلاء بالتجسد ينال الروح ليعطيه لنا في المعمودية، إذ هو وحده الذي يعمد بالروح القدس الذي يخصه وهو الذي يعطيه رغم أنه غير منبثق منه بل من الآب.
استمع لمحاضرة الدكتور نصحي عبد الشهيد التي ألقاها في لقاء القاهرة رقم 37 بالمركز الارثوذكسي للدراسات الابائية عام 2007 من هنا